تتكيّف اللغة العربيّة كغيرها من اللّغات مع مقتضيات الأحوال؛ فلا ينشأ كلام إلا وقد روعي فيه حال كلّ من المخاطَب والمُخاطب من حيث معرفتها بقواعد اللغة وبالظروف الاجتماعيّة والثقافية المشتركة، ومن حيث إلمامها بالمعارف وبعلم المنطق أيضا، فلا يُعقل أن يُنقل لطفل صغير-مثلا-خبر عن ظلم زيد لخالد بقولنا:(أكل زيد خالدا) ولم تؤسّس عنده قبل القاعدة المنطقيّة؛ فالزّمن والمقامات المختلفة كفيلان بأن يتعزّز بناء هذه الآلية عند الطّفل، ليدرك بعد أنّ ينضج فكره المقصود بالأكل في قولنا السّابق الظّلم عن طريق المجاز. ويلاحظ ممّا تقدّم أنّ من شروط التّواصل الأمثل بين الأفراد وجوب توافر وتظافر كلّ المعطيات السّابقة (اللغة، المعارف، الثّقافة، المنطق) ولربّما يبدو جليا لمستعمل اللغة أن تلكم القوالب ضرورية لتفسير التّراكيب المنزاحة عن أصل دلاّتها خاصّة.